البيع على المكشوف للأسهم: استراتيجيات للأسواق الهابطة والصاعدة

يقدم السوق المالي ليس فقط فرصة للمراهنة على ارتفاع الأسعار. من يعتقد أن سهمًا ما سينخفض، يمكنه الاستفادة من خلال البيع على المكشوف – وهي استراتيجية تُستخدم سواء للمضاربة أو للحماية من المخاطر. يجد العديد من المستثمرين أن هذا الآلية مربكة في البداية، لكن البيع على المكشوف للأسهم يعمل وفق مبدأ بسيط نسبيًا. في هذا المقال، نوضح لك كيف تعمل البيع على المكشوف، وما هي التطبيقات العملية لها، وما هي التكاليف التي يجب أن تتوقعها.

المفهوم: ماذا يكمن وراء عمليات البيع على المكشوف؟

البيع على المكشوف (بالإنجليزية: Short Selling) هو استراتيجية تداول يراهن فيها المستثمرون على انخفاض سعر أصل معين. على عكس الشراء التقليدي للسهم – حيث تشتري أولاً ثم تبيع لاحقًا – يتم عكس العملية في البيع على المكشوف للأسهم: تبيع أولاً ثم تشتري لاحقًا.

تهدف هذه الاستراتيجية إلى هدفين: إما الاستفادة من انخفاض الأسعار، أو استخدامها كإجراء حماية ضد تراجع السوق في المحفظة – وهو ما يُعرف بـ التحوط.

الآلية: أربع خطوات للبيع على المكشوف

تتبع عملية البيع على المكشوف للأسهم مخططًا منظمًا:

الخطوة 1 – الإعارة: يقترض المستثمر سهمًا (أو عدة) من وسيطه.

الخطوة 2 – البيع: فور الإعارة، يبيع المستثمر السهم بالسعر الحالي في السوق.

الخطوة 3 – الانتظار وإعادة الشراء: بعد فترة زمنية معينة، يشتري المستثمر نفس السهم مرة أخرى من السوق.

الخطوة 4 – الإرجاع: يُعيد السهم الذي اشتراه إلى الوسيط، وتنتهي المعاملة.

يتم حساب الربح أو الخسارة من الفرق بين سعر البيع وسعر الشراء لاحقًا. إذا انخفض السعر، يكون هناك ربح؛ وإذا ارتفع، يكون هناك خسارة. يراهن المستثمر على أنه يمكنه شراء السهم بسعر أقل مما باعه.

التطبيق العملي: سيناريوهان حقيقيان

السيناريو 1: المضاربة على تراجع السوق

لنفترض أن متداولًا يراقب سهم أبل ويعتقد أن السعر سينخفض، بسبب إعلانات منتجات مخيبة للآمال. السهم يُسجل حاليًا عند 150 يورو. يقرر المستثمر إجراء البيع على المكشوف للسهم، ويقترض سهم أبل ويبيعه فورًا مقابل 150 يورو.

تتحقق توقعاته: ينخفض السعر خلال أيام قليلة إلى 140 يورو. الآن، يشتري المستثمر السهم مرة أخرى بسعر 140 يورو ويعيده إلى الوسيط. النتيجة: ربح قدره 10 يورو (150 – 140 يورو = 10 يورو).

ملاحظة: البيع على المكشوف يحمل مخاطر غير متوازنة. لو أخطأ المستثمر وارتفع سعر السهم إلى 160 يورو، لكان قد تكبد خسارة قدرها 10 يورو (160 – 150 يورو). نظريًا، يمكن أن تكون الخسائر غير محدودة – إذا ارتفع السعر إلى 1,000,000 يورو، ستكون الخسارة 999,850 يورو. هذا هو أكبر خطر في هذه الاستراتيجية.

السيناريو 2: التحوط عبر التحوط (Hedging)

نهج آخر هو الحماية من المخاطر. لنفترض أن مستثمرًا يمتلك بالفعل سهم أبل في محفظته، ويعتقد أن السعر قد ينخفض في الأسابيع القادمة. لحماية محفظته، ينفذ عملية بيع على المكشوف للسهم: يقترض سهم أبل ويبيعه مقابل 150 يورو.

السهم ينخفض فعلاً إلى 140 يورو. يشتري المستثمر السهم مرة أخرى ويغلق مركز البيع على المكشوف. ربحه من هذا البيع على المكشوف: 10 يورو.

لكن، السهم في محفظته أيضًا انخفض بمقدار 10 يورو – من 150 إلى 140 يورو. الخسارة هناك تقدر بـ –10 يورو. عند جمع كلا المركزين، يكون الناتج الإجمالي 0 يورو. لقد قام المستثمر بحماية نفسه من الخسائر عبر التحوط. لو لم يقم بعملية البيع على المكشوف، لكان قد تكبد خسارة صافية قدرها 10 يورو.

ومن المثير للاهتمام أن هذه الاستراتيجية كانت ستنجح أيضًا إذا ارتفع السعر: عند ارتفاعه إلى 160 يورو، سيكون لديه ربح في المحفظة قدره +10 يورو وخسارة في مركز البيع على المكشوف قدرها –10 يورو – أي تعادل.

جانب التكاليف: الرسوم على البيع على المكشوف

نظريًا، البيع على المكشوف بسيط، لكن في الواقع، هناك رسوم مختلفة تقلل من العائد:

رسوم المعاملات: يفرض الوسيط عمولات على كل من بيع السهم المقترض وإعادة شرائه لاحقًا. في البيع على المكشوف للأسهم، تتكرر هذه التكاليف مرتين.

رسوم الإعارة: استئجار الأسهم ليس مجانيًا. تعتمد الرسوم على مدى توفر الأسهم – الأسهم النادرة تكلف أكثر للإعارة من الأسهم الشائعة.

فوائد الهامش: غالبًا يستخدم المتداولون هامشًا في البيع على المكشوف، أي يقترضون ليس فقط الأسهم، بل وأموالًا أيضًا. على هذا القرض تُفرض فوائد.

تعويض الأرباح الموزعة: إذا قامت الأسهم المقترضة بتوزيع أرباح خلال فترة الإعارة، يتعين على المقترض دفعها للمُالك الأصلي.

هذه الرسوم يمكن أن تقلل بشكل كبير من الربح ويجب أخذها في الاعتبار عند الحساب.

الفرص والمخاطر في نظرة عامة

المزايا العيوب
الاستفادة من انخفاض السوق خسائر غير محدودة نظريًا
الحماية من مراكز طويلة هيكل رسوم مرتفع
إمكانية تحقيق أرباح عالية تعقيد في التنفيذ
إمكانية استخدام الرافعة المالية (تداول الهامش) زيادة المخاطر بسبب الرافعة المالية

الخلاصة: متى يكون البيع على المكشوف مجديًا؟

البيع على المكشوف هو أداة قوية في السوق المالي، وتؤدي وظيفتين مختلفتين تمامًا. كاستراتيجية مضاربة على انخفاض السوق، يرتبط البيع على المكشوف بمخاطر كبيرة – حيث يمكن أن تكون الخسائر غير محدودة نظريًا.

لكن، يصبح البيع على المكشوف للأسهم أكثر فائدة في سياق استراتيجيات التحوط. من يرغب في حماية محفظته بشكل نشط، يجد في عمليات البيع على المكشوف أداة أنيقة لتحديد خسائر السوق. المفتاح للنجاح هو حساب التكاليف بشكل واقعي وفهم كامل لتعقيدات هذه الاستراتيجيات. للمستثمرين ذوي الخبرة الذين يرغبون في إدارة مخاطرهم بشكل دقيق، يوفر البيع على المكشوف للأسهم فرصًا جذابة.

شاهد النسخة الأصلية
قد تحتوي هذه الصفحة على محتوى من جهات خارجية، يتم تقديمه لأغراض إعلامية فقط (وليس كإقرارات/ضمانات)، ولا ينبغي اعتباره موافقة على آرائه من قبل Gate، ولا بمثابة نصيحة مالية أو مهنية. انظر إلى إخلاء المسؤولية للحصول على التفاصيل.
  • أعجبني
  • تعليق
  • إعادة النشر
  • مشاركة
تعليق
0/400
لا توجد تعليقات
  • Gate Fun الساخن

    عرض المزيد
  • القيمة السوقية:$3.5Kعدد الحائزين:1
    0.00%
  • القيمة السوقية:$3.5Kعدد الحائزين:1
    0.00%
  • القيمة السوقية:$3.49Kعدد الحائزين:1
    0.00%
  • القيمة السوقية:$4.1Kعدد الحائزين:2
    2.90%
  • القيمة السوقية:$3.49Kعدد الحائزين:1
    0.00%
  • تثبيت